أحدث الأخبار
  • 11:07 . "الإمارات الصحية" تطوّر خدمات فحص اللياقة الطبية لتأشيرات الإقامة... المزيد
  • 11:06 . جيش الاحتلال يشن قصفاً مدفعياً على مناطق شرقي غزة وخان يونس... المزيد
  • 09:36 . قناة بريطانية تدفع تعويضات كبيرة نتيجة بثها ادعاءً كاذبا لـ"أمجد طه" حول منظمة الإغاثة الإسلامية... المزيد
  • 06:39 . معركة النفوذ في حضرموت.. سباق محتدم بين أبوظبي والرياض... المزيد
  • 06:22 . روائية أمريكية بارزة تقاطع "مهرجان طيران الإمارات للآداب" بسبب الحرب في السودان... المزيد
  • 05:07 . جيش الاحتلال يعلن مقتل زعيم المليشيات في غزة "ياسر أبو شباب" على يد مجهولين... المزيد
  • 11:35 . "المعاشات" تصفّر 8 خدمات رئيسية ضمن مبادرة تقليل البيروقراطية الحكومية... المزيد
  • 11:31 . "الأبيض" يخسر أمام الأردن 1–2 في افتتاح مشواره بكأس العرب... المزيد
  • 11:30 . سلطنة عُمان تنجح في إعادة طاقم سفينة "إتيرنيتي سي" من اليمن... المزيد
  • 10:12 . الإمارات تعلن تخصيص 15 مليون دولار للاستجابة للأزمة في السودان... المزيد
  • 06:56 . العفو الدولية تحث على منع أبوظبي من تسليح الدعم السريع... المزيد
  • 06:07 . اليمن.. قوات موالية لأبوظبي تسيطر على عاصمة وادي حضرموت ووفد سعودي يصل لاحتواء التوتر... المزيد
  • 11:58 . مفتي عُمان: العدوان على غزة يتصاعد رغم الاتفاق وندعو لتحرك دولي عاجل... المزيد
  • 11:49 . ترامب يجمّد الهجرة والتجنيس لمواطني أربع دول عربية... المزيد
  • 11:37 . السعودية تقر موازنة 2026 بعجز يتجاوز 44 مليار دولار... المزيد
  • 11:18 . الأمم المتحدة تصوت لصالح إنهاء احتلال فلسطين والجولان... المزيد

تجديد الفكر العربي في الساحات والشوارع

الكـاتب : علي محمد فخرو
تاريخ الخبر: 07-12-2019


تجديد الفكر العربي في الساحات والشوارع | القدس العربي

عبر عشرات العقود من السنين كُتبت الألوف من الكتب، وعُقدت الألوف من المؤتمرات، من أجل تجديد الفكر العربي، محتوى ومنهجا في التفكير الجديد، لكن تلك الجهود ظلت محصورة في دوائر النخب العربية المثقفة واهتماماتها، لقد فشلت تلك النخب في جعل ذلك التجديد تيارا عاما يتبناه المواطنون العاديون وينشرونه في ما بينهم على نطاق واسع.
الآن، وكجزء من حراكات وثورات الربيع العربي، ينحت شباب وشابات الأمة العربية، بملايينهم الصاخبة الغاضبة، ينحتون في الواقع العربي أفكار التجديد وقبولها من قبل تلك الملايين، وبالتالي يوصلونها إلى المواطن العادي.
ما عادت مسألة الخروج على الفكر السائد، والثورة على ممارساته، تقبع في أبراج عاجية، تلوكها ألسنة البورجوازية المتنعمة، وإنما أصبحت شعارات ترددها ملايين الحناجر في ساحات وشوارع مدن عربية كبرى مثل، بيروت وبغداد وعاصمة الجزائر والخرطوم. فشعار اللاطائفية، ومعه التحرر الفكري والنفسي من هيمنة علاقات القوة من قبل رجالات طائفية الدين والمذهب، يصرخ به عاليا الأب والجد والشاب والطفل، وتزغرد به نغما حلوا حناجر الجدة والأم والابنة. وشعار إلغاء المحاصصة السياسية والمالية، بين متنفذي القبائل والعشائر والعائلات والأحزاب والعساكر، ترفعه تلك الحناجر في وجه من كانوا يستغلونهم وينهبون أموالهم، من خلال خطابات الكذب والتملق المنافق واللعب بالعواطف.

والرفض التام للإصلاحات الجزئية المظهرية، القابلة للانتكاسة بعد هدوء الصخب الجماهيري، هو ممارسة لعقلية الشك، ولتجنب اللدغ من الجحر نفسه مرات ومرات، فالناس ما عادوا يأمنون باستقالة هذا الرئيس أو ذاك الوزير، فكرهم الجديد يؤمن بأن التغيير الجذري الشامل هو وحده الصادق والقادر على تغيير الحاضر وبناء المستقبل.

 إنه فكر مستقبلي ثائر على الفكر الماضوي المتثائب، وعلى فكر الحاضر الملثُم بألف قناع انتهازي شيطاني. وبالطبع فإن شعارات توفير الخدمات الاجتماعية، من صحة وتعليم وعمل ومسكن لائق وغذاء بأسعار معقولة، وكحق من حقوق المواطنة، بدلا من اعتبارها منح عطف من هذا القائد أو ذاك، أو كممارسات أبوية للرعية والأبناء، دليل انقلاب فكري تجديدي بالنسبة لمفاهيم العدالة الاجتماعية والمساواة، والتوزيع العادل للثروة.

 ورفع شعار وجود قانون انتخابي عادل، ممثل لكل مكونات المجتمع، كمواطنين متساوين في اختيار السلطة التشريعية، هو قفزة فكرية للانتقال إلى ديمقراطية شعبية قابلة للمساءلة والمحاسبة. ما عاد فكر الملايين يقبل بالبرلمانات المظهرية الخاضعة للسلطة التنفيذية أو للقيادة السياسية الحاكمة.
ما يهمنا هو الوصول إلى نتيجة مفادها أن تلك الشعارات، وغيرها كثير، ليست فقط شعارات مطلبية معيشية، وإنما هي أيضا ممارسة لعقلانية تحليلية نقدية، تعلمت من أخطاء وخطايا الماضي، بحيث أصبحت تطرح أفكارا جديدة، وتنتهج أساليب جديدة في ممارسة تفعيل تلك الأفكار. ما يهمنا أيضا الانتشار الهائل والقبول الجماهيري الكبير، بعفوية وصدق وحماس، لتلك الشعارات، بحيث يمكن اعتبار ما يجري إرهاصا لتجديد فكري، بدأ، وسيستمر في المستقبل البعيد. 

إنها مشاركة حقيقية إضافية لمحاولات جادة طويلة الأمد، قام بها مفكرون ومثقفون عرب عبر مئات السنين.. إنها أيضا إنهاء لاعتقاد سابق بأن تجديد الفكر ممكن أن يأتي من خلال فقهاء السلاطين أو عساكر الانقلابات أو مثقفي العرب في حجرات مغلقة ليناقشوا أفكار التجديد، إذ عليهم أن يندمجوا في صفوف ملايين الساحات والشوارع، ليستمعوا ويتفاعلوا ويتعاونوا معهم، من أجل بلورة فكر جديد مرتبط بواقع أولئك الملايين وأحلامهم وآمالهم المستقبلية. عند ذاك سننجح في بناء تجديد فكري عربي ذاتي يركز على أولويات الواقع العربي ويبتعد عن عبثيات الآخرين الفكرية، وما أكثرها.