أحدث الأخبار
  • 01:26 . "التوطين": أكثر من 12 ألف بلاغ عمالي سري خلال تسعة أشهر... المزيد
  • 08:05 . حلف قبائل حضرموت يحمّل أبوظبي "المسؤولية الكاملة" عن التصعيد واجتياح المحافظة... المزيد
  • 08:05 . بعد مقتل أبو شباب.. داخلية غزة تدعو المرتبطين بالاحتلال لتسليم أنفسهم... المزيد
  • 12:46 . سائح بريطاني يعبّر عن دهشته من تزايد أعداد الإسرائيليين في دبي (فيديو)... المزيد
  • 12:45 . إيران تردّ على بيان قمة مجلس التعاون الخليجي بشأن الجزر الإمارتية الثلاث... المزيد
  • 12:43 . السودان: 15 قتيلاً في هجمات للجيش و"الدعم السريع" في كردفان... المزيد
  • 11:07 . "الإمارات الصحية" تطوّر خدمات فحص اللياقة الطبية لتأشيرات الإقامة... المزيد
  • 11:06 . جيش الاحتلال يشن قصفاً مدفعياً على مناطق شرقي غزة وخان يونس... المزيد
  • 09:36 . قناة بريطانية تدفع تعويضات كبيرة نتيجة بثها ادعاءً كاذبا لـ"أمجد طه" حول منظمة الإغاثة الإسلامية... المزيد
  • 06:39 . معركة النفوذ في حضرموت.. سباق محتدم بين أبوظبي والرياض... المزيد
  • 06:22 . روائية أمريكية بارزة تقاطع "مهرجان طيران الإمارات للآداب" بسبب الحرب في السودان... المزيد
  • 05:07 . جيش الاحتلال يعلن مقتل زعيم المليشيات في غزة "ياسر أبو شباب" على يد مجهولين... المزيد
  • 11:35 . "المعاشات" تصفّر 8 خدمات رئيسية ضمن مبادرة تقليل البيروقراطية الحكومية... المزيد
  • 11:31 . "الأبيض" يخسر أمام الأردن 1–2 في افتتاح مشواره بكأس العرب... المزيد
  • 11:30 . سلطنة عُمان تنجح في إعادة طاقم سفينة "إتيرنيتي سي" من اليمن... المزيد
  • 10:12 . الإمارات تعلن تخصيص 15 مليون دولار للاستجابة للأزمة في السودان... المزيد

التدمير فالطوفان ثم التفكير في حلول

الكـاتب : علي محمد فخرو
تاريخ الخبر: 30-09-2015

كل المصائب الوطنية والكوارث القومية في أرض العرب تأخذ شكل تمثيلية من ثلاثة فصول: تبدأ بتدمير العمران والاجتماع، لتمر في مرحلة طوفان وفوضى وضياع، لتنتهي بالتفكير المتأخر المضطرب لإيجاد حلول انتهازية مغموسة بالدم والدموع.
ودوماً وأبداً يكون مخرج تلك التمثيليات، والمتحكم بكل تفاصيلها وممثليها وحتى ديكوراتها، هو الخارج، حتى لو استعان بين الحين والآخر بمساعدين مخرجين من الداخل للقيام بمهام يحددها لهم بكل دقة وخبث. اختيار مكان مسرح التمثيلية يخضع لتحقيق أهداف محددة تخدم مصالح كبار اللاعبين الأغراب في طول وعرض بلاد العرب. فقد يكون الهدف قاصداً الاستيلاء على ثروة نفطية، حتى لا تستعمل في بناء طموحات وطنية أو قومية، مثلما حدث في العراق. وقد يكون الهدف قاصداً استغلال البؤس وتجييش الفقراء لإحراج جيرانهم الأغنياء واستنزاف ثرواتهم المتعاظمة الآنية، كما يحدث في اليمن.
وقد يكون الهدف رامياً تدمير رمز عروبي راسخ في قلب التاريخ العربي وإخراجه من معادلات التوازن مع الكيان الصهيوني، كما حدث في سوريا. أو قد يكون الهدف راغباً في إعطاء درس في تأديب ومعاقبة كل من يحاول الخروج من تحت عباءة الدول الكبرى، حتى لو لفظياً، كما حدث في ليبيا.
إنها فقط أمثلة، وغيرها كثير، لتمثيليات تبدأ باستغلال مطالب شعبية مشروعة، لتنتقل بعد حين إلى خلط الأوراق لتشويه أصل المسألة برمتها، من خلال عمليات التدويل المتفاهم مع والمحرك لبلادات وحماقات التعريب المجنون والأسلحة الطائفية الهمجية، من أجل انتقال هذا المجتمع العربي أو ذاك إلى مرحلة التدمير الممنهج للدولة الوطنية ومجتمعها.
وما إن يتم ذلك وتدخل تلك الدول والمجتمعات في طوفان التقاتل بين مكوناتها الإثنية والدينية والمذهبية والثقافية والسياسية، وتنقلب الحياة فيها إلى جحيم لا يطاق، وتبدأ تباشير انقلاب السحر على الساحر، أو يكون تحقيق الهدف الأصلي قد وصل إلى مبتغاه، حتى يبدأ الجلاد القاتل المدمر يفكر في طرح حلول مغموسة بالدم والدموع والقيح، حلول لن تكون في أغلبها إلا حلولاً مؤقتة، في شكل استراحة المحارب، بانتظار الدخول في حروب وصراعات جديدة.
سينبري المتحذلقون بالقول بأننا نمارس اللعبة القديمة إياها: تحميل الغير الأغراب مسؤولية مشاكلنا. هذا هراء. نحن ندرك جيداً حجم الأخطاء والخطايا التي ارتكبها العرب بحق أنفسهم، عبر القرون والحقب المفجعة العبثية. لكن الغير الغريب موجود في أرضنا، متجذر في تاريخنا وحاضرنا ومستقبلنا، وهو «يخيط ويبيط» في أرض العرب لأسباب داخلية وخارجية لا حصر لها ولا عد.
على ضوء تلك الصور التمثيلية، بمؤلفيها ومخرجيها ولاعبيها، يمكن الحكم على البكائية الهزلية التي يجري الإعداد لها الآن تحت مسمى بناء الجبهة الدولية ضد الخلافة الإسلامية الداعشية، لاحظ، فقط الداعشية، في العراق وسوريا.
إنها حبكة سريالية، مليئة بالغموض، طارحة لألف سؤال وسؤال، جاءت لإنقاذ الجلاد القاتل وليس الضحية البريئة، ولذلك تحمل في طياتها كل التناقضات.
أمريكا التي خلقت الحركة الجهادية الإسلامية لمحاربة الاتحاد السوفييتي في أفغانستان، ثم حاربتها في أفغانستان، ولكن سمحت لها بالانتقال إلى العراق لتساهم في مؤامرة إثارة النعرات الطائفية في ذلك القطر، ثم انسحبت من العراق المدمر من قبل قواتها وعملائها لتتركه نهباً للطائفيين المجانين وللداعشيين الهمج، ثم ظلت هي والحلف الذي خلقته تتفرج على التمدد الداعشي من العراق إلى سوريا، بينما انشغلت مع بعض حلفائها العرب في خلق داعشيين أخر بمسميات أخرى مثل جبهة النصرة، وأسماء غامضة لجبهات وجيوش من الجهاديين التابعين لهذه الجهة العربية أو تلك الجهة الاستخباراتية الأجنبية.. أمريكا هذه تتحدث الآن عن تكوين تحالف دولي جديد، بقيادتها بالطبع، سيضم كل من هب ودب من قوى متناقضة في أهدافها وأدوارها التي تلعبها. فتركيا، التي فتحت حدودها لكل داعشي من كل بلاد العالم ليدخل سوريا، مدعوة إلى هذه الوليمة. وإيران التي ساهمت في خلق أجواء طائفية في العراق، أدت إلى صعود «داعش» هي الأخرى مدعوة. وبلاد عربية ساهمت في تمويل وتجييش وتدريب أشكال من القوى الجهادية في العديد من الأقطار العربية، ومن بينها العراق وسوريا، هي الأخرى مدعوة.
وروسيا وفرنسا وبريطانيا وغيرها، من الذين يريدون حصة من الكعكة العربية، تحت شعارات تبدو إنسانية متحضرة، بينما تخفي انتهازية سياسية، هم الآخرون مدعوون أيضاً.
وهيئة الأمم المتحدة، التي تتكلم كثيراً وتفعل قليلاً، والجامعة العربية التي يخيم السكون على أروقة مساراتها، هي الأخرى ستدعى لتساهم في تأليف وتلحين موسيقى خلفية لهذه التمثيلية.
هل يمكن لهذه السريالية أن تنتج تحفة فنية مفهومة؟ سؤال أخير: أين المشاهدين لهذه التمثيلية من شعوب هذه الأمة المستباحة، وهم ينتظرون الذبح؟